الأيام
دخل الصبي صاحب الأحد عشر ربيعاً فأغلق عليه باب حجرته. أغلق علي صوت المذياع، علي تعداد القتلي المتزايد أغلق، علي أخبار الحرب سكّر أذنيه . فتح مفكرته الصغيرة وتناول قلمه اذ جلس علي المكتب. أغمض عينيه وتنفّس ملئ رئتيه فزفر ببطء. مع أوّل كلمة خطّها ابتدأت دموعه تبلل الورق، وكأنَّ في كل دمعة كلام تحاول يداه ترجمته. ودموع اليوم تقول : " الأيام أبواب علي كل منها حارس وقد كتب علينا أن نخلق كل يوم وعلي كل باب قصة جديدة نلهي بها الحارس ليفتح لنا الباب إلي باب آخر " وقف شاب الواحدة والعشرون أمام النافذة الطّالّه علي الكوكب المعزول. تأرجحت عيناه بين السماء الملبدة بآخر غيوم الشتاء والشوارع المتروكه من المعزولين. شرد في هذه الكلمات وقال لنفسه مبتسماً "ما أشبهني بك اليوم يا زياد " تناول هذا الآخر قلمه وبدموع جافّه وقلب آمل حرّكه : لم تكن أبداً مجرّد كلمة، و قطعاً لم تكن أرقاماً نشطبها عن تقويماتنا. الأيام. ماذا تعني لنا؟ ماذا يحدث فيها؟ ومن ماذا تتكوّن؟ أهي مشاعر؟ أقصصٌ هي؟ أم نسخ منّا عاشت تلك القصص وأحسّت تلك المشاعر؟ هناك أيام سعيدة وأيام حزين...