المشاركات

عرض المشاركات من مارس, 2020

الأيام

دخل الصبي صاحب الأحد عشر ربيعاً فأغلق عليه باب حجرته. أغلق علي صوت المذياع، علي تعداد القتلي المتزايد أغلق، علي أخبار الحرب سكّر أذنيه .  فتح مفكرته الصغيرة وتناول قلمه اذ جلس علي المكتب. أغمض عينيه وتنفّس ملئ رئتيه فزفر ببطء. مع أوّل كلمة خطّها ابتدأت دموعه تبلل الورق، وكأنَّ في كل دمعة كلام تحاول يداه ترجمته. ودموع اليوم تقول :   " الأيام أبواب علي كل منها حارس وقد كتب علينا أن نخلق كل يوم وعلي كل باب قصة جديدة نلهي بها الحارس ليفتح لنا الباب إلي باب آخر " وقف شاب الواحدة والعشرون أمام النافذة الطّالّه علي الكوكب المعزول. تأرجحت عيناه بين السماء الملبدة بآخر غيوم الشتاء والشوارع المتروكه من المعزولين. شرد في هذه الكلمات وقال لنفسه مبتسماً "ما أشبهني بك اليوم يا زياد " تناول هذا الآخر قلمه وبدموع جافّه وقلب آمل حرّكه : لم تكن أبداً مجرّد كلمة، و قطعاً لم تكن أرقاماً نشطبها عن تقويماتنا. الأيام. ماذا تعني لنا؟ ماذا يحدث فيها؟ ومن ماذا تتكوّن؟ أهي مشاعر؟ أقصصٌ هي؟ أم نسخ منّا عاشت تلك القصص وأحسّت تلك المشاعر؟ هناك أيام سعيدة وأيام حزين...

الكورونا وإرادة التغيير

لا يكاد يكتمل أسبوع علي الأزمة التي أحلّت بالعالم شرقا وغربا، فلم يلبث للعالم ساكن ولم يعفي شخص بمقدار من الذعر وأطنان من الأنباء المفجعة والأخبار المفزعة. هلعت الحكومات تصدر قرارات لم يسبق أن وردت علي تاريخ أوطانها، فرأينا مطارات تغلق وطلاب توصد في وجوههم أبواب المدارس والجامعات ومصانع تقلل قوة عمالتها وموظفين يأخذون إجازات بدون راتب واخرين يعملون من المنازل.  نشهد اليوم للمرّة الأولي في مصر وقف الأزهر لصلوات الجمعة والصلوات الجمعية والكنيسة اقامة القداسات وجميع الأنشطة. أكثر الدول غني وأضخمهم شهرة بالفنون والأدب والعلوم وأعلاهم في نسب السياحة العالمية، رأينا حدودهم تتحوّل قضبان تسجنهم مع وباء فتّاك، لا يضع شيئا أمامه سوي أن يتكاثر وينمو ويقوي علي حساب الاف الارواح. فأقامت الحكومات حظر التجوال وأغلقت كل الأماكن العامّة التي تعد مصدرا للتجمعات وفي غضون بضع أيام، تغيّر وجه الحياة علي كوكبنا كما نعهدها. ومن البديهي ألا يمكن أن تتغيّر الحياة الا ويجب أن تتغيّر سلوكيات الأفراد فالشعوب فالجنس البشري أجمع. وهنا لا يخفي أمامنا ولا نقدر أن نمسك عن التساؤل  -اذ نحن جم...

لماذا؟

لقد اختبر الفرح الحقيقي أعماق الحزن وعاني السلام الكامل من أعتي المخاوف ووقف العدل خلف قضبان الظلم لقد افترست المحبة الخالصة من الأنانيّة المكشّره وخنق الرجاء بحبل اليأس القاتم ولم تجد الراحة أين تسند رأسها لقد أذلّت الحكمة من الجهلاء وذبحت القداسة علي مذبح العار والنجاسة وأخيرا ابتلع موت الهاوية أصل الحياة انذاك.. ظننتها النهاية.. تعجبت في كربي ونضح منّي تسائل اثر تلفّظهم الأنفاس الأخيرة. - لماذا؟ - قالو معا: من أجلك - من أجلي! - ردّوا بحنان: بالطبع .. لنشاركك. فلا تحيا بعد يتيما بلا ظهر وضعيفا بدون سند ولا تكون وحيدا إذا انقضّ عليك خوف الليل, ورأيت لهيب سهام اليأس يلوّح في سماء العتمة. عندما يغمرك الحزن ستجد ذراعنا تلتفّ حولك وتعزيتنا تهدهدك. إذا استيقظت علي رطوبة دموع الليل ستكتشف اننا لم نفارقك طوال نومك فسهرنا في ذات البستان نحمل عنك الاجهاش ونتجرّع كأس غضبك. لتتعزّي اذ ترانا ندرك معني الظلم وتتطمأن عندما تجدنا مثلك وأكثر، أصحاب أوجاع وممتلئين ضربات. عندما تواجه التواء جيلك وتندر القداسة مختبئة في أزقة المدن الكبرى، ستجدنا هناك منذ...